التسعة الطويلة هذه عدالتنا علينا أن نتذوقها
التسعة الطويلة هذه عدالتنا علينا ان نتذوقها
محمد ادم فاشر
عندما نتحدث عن طبقات التي تكون المجتمع السوداني البعض يشهر سلاحه للدفاع عن نفسه من دون ان يعتدي عليه احد. في الواقع المعاش الطبقة العليا والدنيا اولي والثانية مع البداهة يريد البعض تعويم الحقائق بانه ليس من الطبقة الاولي لانه اكثر بؤسا ويعيش في اطراف المدن وهو معدوم وبالتالي يري انه من الظلم ان يصنف من الطبقة العليا او ليس من المهمشين .نعم هو محق اذا كان الطبقية مؤسسة علي اساس الاقتصادي .ولكن الطبقية السودانية مؤسسة علي اساس الاجتماعي العرقي. فانه لم يتم رفضه في الوظيفة علي اساس اللون بلائحة الهندام في الخدمة المدنية ذلك هو التمييز العرقي بالقانون الذي يساوي كل قوانين التمييز في الخدمة. ومثله سلطات القائد العام لاختيار قيادات الجيش ذلك قانون التمييز العرقي وبدرجة اقل في كل المؤسسات في الخدمة المدنية . وابن البلد لم يتم طرده من شوراع الخرطوم بدعوي نظافة المدينة .ولم يحدث ان وجدت جثة من الشمال اوالوسط في مشرحة كلية الطب في جامعة الخرطوم طوال تاريخها ولم يحدث ولم يتم حرمانهم من الكليات العسكرية الا لاسباب غير اللون .فالبيض في امريكا يصنفون انفسهم الدرجة الاولي وان لم يكن مكتوبا ومع ذلك الكثير منهم اكثر بؤسا من السود وبقية الملونين مع ذلك يرون انفسهم ارفع درجة .ولذلك الواقع الاقتصادي لا ينف البناء الطبقي. السيئ الذي قاد البلاد الي التقسيم والحروب في كل الاركان ومازالت ادوات التقسيم تلك محتفظين بها .
والكل يعلم قائمة السيدين التي شملت اسماء الموقعين الذين رفضوا تحرير الرقيق في المشروع الذي اقترحه الانجليز وان ابناؤهم مازالوا علي العهد .
والذي حدث ان الاحتقار الذي حدث للبطل علي عبداللطيف واصحابه مازال في محله ويعاني منه التسعة الطويلة والقصيرة وبل الاسوأ.
اذا كان الرقيق المحررين في مجتمع الوسط استسلموا لفترة من الزمن لانهم في وقته اقلية ومعزولة من بقية العبيد في الاقليم وتحت سطوة السود البيض بالمقاييس السودانية. ليس صحيح ان يستمر الخضوع للسادة للابد .ان ما يقوم به التسعة الطويلة من الاخلال بالامن مسؤل منه التنظيم المنهار غير صحيح .وبل هم انفسهم عانوا من هذه الظاهرة الي درجة التي خرج القاضي الانقاذي في امبدة من طوره في عهد الكيزان وقال للمتهم امام محاميه انتو اولاد النوبة عبيد حرامية اولاد الكلب وحكم عليه خمس سنة سجن في قضية سرقة الملابس وقته خرج المحامي مهرولا الي الخارج لينجو بجلده من القاضي المسعور .
فان التسعة الطويلة لم يكونوا اجانب وتصرفهم لم يكن لحساب احد بل هم ابناء فاقدين الابوين او الذين تربوا تحت الكباري وتتسع دائرتهم بابناء الجنود الذين يموتون في الميادين دفاعا عن السودان وابناء الشرطة الذين يلقون حتفهم في المواجهات لان كثير من هذه الاسر مصير ابنائهم اضافة الي هذه الشريحة وبناتهم يتم استغلالهن جنسيا وتنجبن اطفال ليكونوا اضافة اخري .وكل الحكومات عانت من هذه الظاهرة. ولكنها تنتهز الفرصة وتعمل الحكومات علي طردهم من العاصمة او تجنيدهم في القوات النظامية وخاصة الجيش ليجدوا حتفهم في الجنوب ودارفور فيما بعد .
يتعرض السود في العاصمة لمجاذر بشكل مستمر مع كل حدث او احتجاج مثل احدث مقتل ووزير الداخلية في ٦٤ ومحاولة الاطاحة بحكومة النميري (٧٦) التي دفن حيا كل شخص بملامح من دارفور بواسطة الامنيين امثال عمر محمد الطيب وفاتح عروة. وذلك الاخلال بالامن تقوم به مؤسسة الدولة لا تقارن بخطف الشنط. وبل يتم طردهم من العاصمة بدعوي نظافتها. وبالاستمرار يتم مضايقتهم في مناطق سكنهم في اطراف المدن. وسكنهم الفاخر تحت الكباري وهم يبنون العمارات. وعندما يكتمل البناء يلقون القبض عليهم من الشارع العام ويتم ترحيلهم الي المكان الذي يختاره ولد البلد .
وان الجريمة التي تمت ارتكباها في حقهم فيما يعرف بفض كولمبيا كانت تلك اسوأ من جريمة المجزرة امام القيادة لان الجريمة اشتركت فيها كل الشعب السوداني الذين اختاروا البكاء علي ارواح الضحايا امام القيادة فقط وتجاهلوا تماما كما لو ان قتل تسعة الطويلة عمل مباح وان المخدرات حتي ولو صدقت كأنها مبررا القتل الجماعي ولم تشملهم حتي التحقيق الباهت في مصيرهم ولاحد حتي مستعد عرض صورهم كانها ليست جريمة . مع ان الذين ادخلوا المخدرات بالحاويات لم يدخلوا السجون ناهيك من قتلهم نعم تلك الجريمة الشعب كله لا تقارن بخطف الشنط .و هذه عدالتنا علينا ان نعيشها وطعامنا علينا ان نتذوقها .
وعلي قول اسماعيل خورشيد يبنون القصور وهم بلا مأوي .هذا التعامل مع السود انعكس علي بقية السود في الاقليم وقادوا الاحتجاجات المسلحة فان الذي يحدث في العاصمة سببه غياب العدالة في المجتمع والعدالة وهي شئ الذي لا يمكن تجزئتها. وهي سبب الحروبات السودانية. وما يحدث في العاصمة ليس سوي احتجاج السود الذي يناسب المكان وقدراتهم.
فان الذين يلقون اللوم علي الشرطة لا يعلمون حقيقة ان كل الجيش والشرطة من هذه الطبقة وصلت لديهم الوعي وهم الذين رفضوا الحرب في الجنوب وبسببه انهارت اخر حكومة ديموقراطية وهم انفسهم رفضوا الحرب دارفور مما تطلب تكليف المهمته للدعم السريع وهم متمردون الان ما عدا الضباط كلهم من ذات المجتمع ومن نفس الطبقة يشتركون في الهم ودرجات الظلم والسكن في اطراف المدن وتحت الكباري باقل معطيات الحياة. ولربما من بينهم ابنائهم الجنود الذين مازالوا في الخدمة.
ولذلك ان المشكلة اكبر من البكاء علي مدينة واحدة من مدن السودان و ليس اللوم علي الذين نزلوا المعاشات من هذه الطبقة ولكن السادات الجدد يريدون استمرار قهر العبيد بالعبيد فقط مقابل ارواحهم وممتلكاتهم هذا لم يحصل في عصر العولمة. والحل الوحيد الامن للجميع .وفي اي مكان في ربوع السودان . ومن يعجز عن توفير الحماية لكل السودانين عليه ان يترجل ولكن الدعوة لامن العاصمة هذا هو الخطا الذي دمر البلاد لان انهيار الامن في الاطراف هو السبب انهيار الامن في الخرطوم ووليس فقط خطف التلفونات والشنط بل الجاهل وحده من يعتقد ان الحرب لم تصل الخرطوم والشي الوحيد الذي يمنع الحرب هو وقف الحروب في الاطراف وذلك لا يكون الا بالعدالة فان التفكير في التخلص من الاطراف قد يكون ذلك حل ولكن ايضا لا يكون الا بعد العدالة .
فان دعوات تسليح المواطنين لمواجهة الظاهرة تكون خطأ مركب لانهم يطورون اليات الجريمة الي ان يصلوا مرحلة في حربهم علي المجتمع عمليات التفجيرات وهدم المؤسسات بالعمليات الانتحارية لانهم ليس لديهم ما يخسرون ويمكن ان تكتشف وراء كل حالة مأساة لا يستطيع صاحب القلب الرقيق الاستماع اليه مثل مأساة ادم التي اوردها سهير من قرأ تلك المأساة لا يلومهم علي اي تصرف هذا اذا لم ينضم اليهم
فان الذي يطلب الامان عليه ان يعدل لان من المحال ان تلقي اللوم علي المؤسسات لان المؤسسات تحقق العدالة التي ترضاها الشعب الذي سكت علي قتل الملايين في اطراف البلاد ومازال الدماء انهار في كل ربوع البلاد والسبب كله غياب العدالة. لو تم محاكمة الانقاذين علي جرائمهم لتوقف القتل ومعه التسعة الطويلة.فانهم لم يفعلوا اكثر مما فعله الانقاذين .ولماذا لم يطلبوا العدالة الناجزة للبشيرين.
فان مؤسسات الدولة السودانية الظالمة وهي مسوؤلة من كل التسعات والاخوة أبناء البلد لا يريدون ان يسمعوا غير الذي يعجبهم وهذا الذي قادنا الي هذه المحطة التي لا احد يامن علي حياته في الشارع العام .
فالمطلوب جلوس القوميات المتصارعة والاعتراف بالخلل في مشروع الدولة الفاشلة الذي بنيت علي اساس العرقي وصياغة دولة المواطنة وتكون العدالة للجميع وقته لا تسعة طويلة ولا قصيرة. والا الصراع الطبقي سوف يستمر ولا احد يتوقع ما يفعله الاخر .
ليست هناك تعليقات